حديث مع المسيح
يَحمِلني الى حيث انت الشوق والحبّ ، لأعَفِّر جَبيني بترابك. الجراح تذكّرني بيوم مولدك . الجراح تذكّرني بيوم موتك. يَرتسم الصليب للإنسان مُكبِّراً وداعياً. على حدوده يتبادل العالم النظريات ، ويحتدم الصراع لحظة ثم لحظة. لا أحد يعرف من انت ، وتبقى على الصليب مسمّراً من أجل هذا العالم المضطرب ابداً. نميل بسمعنا الى الجلاّدين كلما سئمنا النحاب والبكاء. اختلفت عليك الأحزاب ، أوافق من؟.
إذا كنت إلهاً فأنت النبيّ والإنسان ، وحده الإنسان يستطيع ان يكون هو الله والنبي وذاته. من الذي يحفظ سر التجسّد؟. أحزاب بلا عقول وأحزاب بلا قلوب. صليبُك ملأ عليهم الأرض فأخْلَفَت المشانق التي كانت حُطاماً. جعلوا الدين إرثاً وهوية ولحماً وعظاماً.أيّنا له الحقّ ان يرفض او يقبَل؟. الإعتراف بألوهتك طريق الى جهنّم ، والإعتراف بموتك على الصليب خطيئة فاحشة . انا مثلك لا مجد لي بدون القيامة ولكن القبر لن يتفجّر. إنسانيّتي تموت ، تنحلّ ، تصبح تراباً تصبح لا شيء ، لا أريد هذا المولد ، لا أريد هذا الموت . بدونك تتساقط الأرقام أصفاراً وبدونك تنتصر القبور ، قيامتك تنقذ الناس من الموت والوهم.
ايتها الحرية أعطني يدك ، لا أحب الوقوف على القبور ، يُكرهونني على الإعتراف ، يُكرهونني على الكذب ... كيف نكذّب حدثاً غير عادي ؟.
ايتها الحرية نريد ان نولد مخيّرين ، نريد القيامة ، زمن الموت طال... زمن القبر طال ... متى القيامة ؟ متى الحق ؟ متى الحرية؟.ايها المسيح ، ماذا أدعوك؟ أإله أنت ام نبيّ ، إن هذه ما عادت مشكلتي ، لقد ثبُت لي أنك ولِدت إنساناً ، وثبُت لي ايضاً أن الإنسان وحده يستطيع ان يكون هو النبيّ او الإله ، او الشيطان او ذاته ، ووحده ايضاً يستطيع الإنسان ان يكون هؤلاء جميعاً. ليبق صليبك ايها المسيح هو الطريق اليك ، اليك انت ، يا ايها الحقّ والطريق والحياة. ناسك مسيحيّ من القرن الثامن عشر
هذه الصلاة كُتِبت في زمن كانت الأديرة المسيحية المنتشرة على التلال وفي بطون الجبال ، محجّاً وملجأً للكبار والصغار يأتونها لأنها منفتحة على الناس وليست على شكل كهوف ودهاليز ، كما هي عليه الحال في الوضع الراهن. كهوف ودهاليز ، لأن القلّة القليلة التي تزور هذه الأديار حالياً، تعلم ان المحتاجين الى مساعدة سوف يُخذَلون ، اما الزوّار ـ السيّاح ـ فهدف زيارتهم هي تمضية النهار في مطعم قريب من هذه الأديرة والتمتّع بجمال الطبيعة والترحّم على الأيام الخوالي. الدير العالي ، اصبح مُلكاً للوالي ، والقائد الغالي أصبح يوم موالي ويوم مِثالي. الوالي يرتدي الصولجان ويخطب بالجماهير ويتكلّم عن العنفوان وعدم الهوان والغفران ، ويصفّق له القائد الغالي ، ويذهب الجميع وينالوا البَرَكة ولكن من دون الحَرَكة وتصبح القضية كلّها حَرَكة من دون بَرَكة . هذا المهرجان اللقاء يحدث مرّة كل عام ، وكل عام تذهب الجماهير الغفيرة والغفورة لحضور المهرجان ، وفي نفسها شعور مرير ، بأن تكون المرّة الأخيرة التي سيقام فيها المهرجان. الى كل المسيحيين في هذا الشرق ، هل صحيح انه لا معنى لهذا الشرق من دون المسيحيين ؟ إسألوا القائد الغالي ، سوف يقول لكم :" بالطبع فأنا حامي الحمى ، وانا الذي صبرت وتعذّبت ، وتألّمت على خطى المسيح ، وسوف تعرفون التفاصيل لاحقاً " الآن محضورة " ، وينبت قائدان آخران واحد عنيد صنديد والثاني صابر مُنتظِروغير مُنتَظَر ، و حريص أيضاً على البيت المسيحي ويقول ويَنسُب أقواله الى أحد المنتمين الى شجرة العائلة ، والمُفْضِلين على بقاء المسيحيين في هذا الشرق العزيز ويقول :" أنا حجرُ الزاوية وقاعدة الهَرَم الذي ستُبنى عليها الصخرة" .
هل يستطيع الوالي ، والقائد الغالي ، والعنيد الصنديد ، والصابر المُنتظِر وغير المُنتَظَر ان يمنعوا الإمتداد التكفيري الذي وإن قَلَب من مَقلَب الى آخر سَقَط المسيحيون وذُبِحوا ونُكِّلَ بهم ؟. أكيد أكيد كلاّ. هل سيستَشهد كل هؤلاء الزعماء كما وعدونا ، وكما فعل البطريرك جبرائيل عام 1305 ، في قرية حجولا القريبة من عنايا ، بعدما رفَضَ الجحود بدينِه المسيحي اثناء الفتح العربي ، وهذا الاستشهاد كان بمثابة "ردّة" من قِبَل الغزاة الكفّار الذين أرادوا في البدء إبادة المسيحيين الموارنة ، وعملوا في الأديرة والكنائس والقرى ، يدُ السَلب والتدمير، فما لَبثوا وبعد إختلاطهم بالمسيحيين ان اهتدوا ان لم يكن الى الدين المسيحي ، فعلى الأقل الى روح المحبّة والأخوة ، تماماً كما يفعله قوّادنا المسيحيين في هذه الأونة المفصليّة من تاريخنا . عندما يبدأ الذين لن أكرّر ذكر اسمهم ، بالعمل لمصلحة المسيحيين ، عوضاً عن مصلحتهم الشخصية ، نكون في الميلاد والقيامة . عندما يتبرّع الوالي بقطعة أرض من أراضيه الشاسعة الى الفقراء ، المشرّدين ، نكون في الميلاد والقيامة. عندما لايُرمى المسيحي خارج المستشفى المسيحي لأنه لا يملك الكفالة للدخول ويُدخله العنيد او الصابر الى المستشفى على نفقته نكون في القيامة والميلاد. عندما ينشأ صندوق مسيحي مشترك مموَّل من كل سيِّئي الذكر ، يُخصَّص لإقامة المشاريع العامة والمدارس المسيحية المجانية ، ودَفع أقساط المدارس عن جميع المسيحيين المعوَزين ، نكون في الميلاد والقيامة.
وأخيراً عندما يسمَح الوالي ببيع أراضي المسيحيين بدل من ان يصدر حُرماً كنسياً بالبائع والسمسار معاً ، على غرار الحُرم الذي تصدره الكنيسة عندما يضع المسيحي حدّاً لحياته ، وهو انتحر من شدّة الظلم الذي لقاه من المذكورين سالفاً ، وفور صدور الحُرم يحدَّد المسيحيون بأشباه المسيحيين ، فعندها نكون في القيامة والميلاد.
"من لم يحمل صليبه ويتبعني لا يستطيع ان يكون لي تلميذاً" ولا يستطيع احد منكم ايها القادة المسيحيين ان يكون للمسيح تلميذاً إن لم تتخلّوا عن جميع أموالكم ، خصوصاً التي سلبتموها من المسيحيين ، وتندرون الطاعة والعفّة لمرحلة معيّنة ، علكم تنالون الغفران عما قمتم به ، والغفران سيكون من الشعب المسيحي وليس من المسيح. هذا يعني لا قصور ، ولا ترَف ، ولا رياء ولا جشع ، ولا حُقد ، ولا تقاتل ولا تذابح . والى الرهبان أقول :" ان المسيحية ورغم انقسامات الكنيسة ، ورغم كون المسيحية عقيدة صعبة التحقيق فهي استمرّت بفضل الرهبان ( سابقاً) الذين تخلّوا عن كل ما لديهم وكانوا للمسيح تلاميذ وتابعين ولولاهم هؤلاء الرهبان الأوائل القدّيسين ، لقُضيَ على المسيحية منذ الفتح الإسلامي وعمّ الأسلام بلاد المشرق كافة. فيا ايها الرهبان "الموديرن" ، عودوا الى الأصول"
يا ايها المسيحيون ، كلّنا مسيحيين ، لا فضلَ لهذا على ذاك ، الا بما أعطى للمسيح والمسيحيين ، اما الذين تراجعوا او ضعفوا ، إذ خدعتهم المادة فانحرَفوا الى غاية أخرى ، مثل كل الطاقم القيادي الحالي ، أولئك اعداء الكنيسة وأعداء المسيح ، وهم يدَّعون المسيحية.
يا ايها القادة المسيحيون ، ويا ايها المسيحي بشكل عام ، سلاحُك هو حبّ الغير ، لذلك سوف تُحارَب دائماً وابداً من قبل الأحزاب المادية التي تعمل مُنفردة او متضامنة على إزالة عقيدتك التي لا تبشِّر بقوّة السيف ولا تحمِّل الناس على تصديقها قهراً. لذلك وإن أردتم ان يبقى لبنان ملجأً لما تبقّى من المسيحيين المشرقيين ، يجب عليكم ان تتوّحدوا وإن لم تتوحَّد كنائسكم ، وتتنازلوا عما يَحسبُه كل فريق منكم ، حقاً له مُنزلاً ومُقدّساً . لذلك يجب على الوالي وأكسسواراته ، ان يتحدّثوا أكثر مع المسيح ، ويجعلوا وتيرة خطاباتهم يوميّة ، إذا دعَت الحاجة ، ويكثرون من الأفعال ، بدلاً من التنظيرات ، لأنه لا معنى لهذا الشرق بدون المسيحية