كميل، موريس وشجرة ابو شكري
لو كانت الشرطة الأخلاقيّة موجودة ، لما حصلت جريمة الجميّزة حيث ضُرِب مواطن حتى الموت على الطريق ، وبسبب أفضليّة مرور ، او غير ذلك من القصص التي تُروى حول الحادثة. لم ولن تحصل حادثة الجميّزة ولا غيرها من الحوادث التي نسمعها عبر وسائل الإعلام ، صحيحة كانت ام مضخّمة. سوف يتعجّب البعض انني اتكلم عن شرطة أخلاقية في بلد الأخلاق ، لذلك سوف اشرح لكم بإيجاز عن هذا الجهاز الذي سوف يَضرُب بيد من حديد في حال قيام دولة لبنان ، طبعاً المنفصلة عن دولة داعش التي تريد طردنا خصوصاً نحن المسيحيون من ارضنا كم طرد
السوريون والعراقيون
الشرطة الأخلاقية ، هي جهاز مستقلّ ، يشبه فرق التدخلّ الخاصة مكوَّن من اشخاص لم يبيعوا انفسهم بعد في سوق النخاسة ، ذوي عَنجَهية ( إيغو) مُرَغلَجة على درجة 4 على عشرة ، (اي تحت المعدّل بنقطة واحدة لأن معظم اللبنانين يملكون معدّل إيغو مرتفع يبلغ احياناً التاسعة والنصف على عشرة). هدف الجهاز الأساسي هو محاربة التخلّف بالقضاء على اي مظهر له يتواجد على كافة الأراضي اللبنانية
صلاحيّات الجهاز ، تتخطّى صلاحيّات ايّ جهاز آخر او اي مسؤول مهما علا شأنه ، مع إمكانية استخدام القوّة من قبل عناصره اذا اقتضى الأمر. تتوزّع صلاحيات هذا الجهاز بين الأمور الإدارية من معاملات تتمّ في مختلف الدوائر والمحاكم والشركات ، من خلال توظيف عناصر تتابع العلاقات داخل هذه المؤسسات للحدّ من الرشاوى والمحسوبيات وتبييض الأموال ، الى ما هنالك من العمليّات الشائبة التي ارجعتنا الى عصور المحسوبيات ، ولن اذكرها لأنها كثيرة. هنالك عناصر أخرى من هذه الجهاز تقوم بمراقبة المؤتمنين على الأمة ، اي نوّابنا الأعزاء الذين وكما قلت في مقال سابق ، اساؤا إدارة الأمانة وأصبحوا مفرطين مبذرين بها ، وضاربين بعرض الحائط مصالح المواطن اليومية ، وابرزها مؤخراً قضية سوكلين التي وان استمرت سوف نغرق بعد ايام في بحر من الزبالة ، وهم اي النواب "الزبالة" يتناقشون في كيفية اقتسام النفط مقابل التعيينات بينما وصلت دول الجوار الى مراحل متقدمة في التنقيب عنه ، وربما ستبدأ قريبا في عملية استخراجه. إذن هذا القسم من الجهاز مكلّف بعملية مراقبة " الزعران" وتجريدهم من القابهم وحقوقهم المدنية ، وإقالتهم من مناصبهم قصراً من دون ان يستقيلوا لأنهم اقبح من الذين قاموا بافعال جرمية ، وتغريمهم بمبالغ التي مهما بلغت قيمتها سوف تبقى اقلّ من الأموال التي نهبوها على مدى سنوات. هنالك قسم من هذا الجهاز يتابع أمور العمار وتصحير المناطق والكسّارات وطابق المرّ والمخالفات اليومية التي تجري في الدوائر العقارية دائرة السير والميكانيك ، والمختار الذي يقول لك وقبل القيام بإي معاملة في الدوائر الرسمية من اخراج قيد الى رخصة بناء الخ .... يقول لك:" يجب ان تضع ورقة عشرين ألف ليرة وتقول للمسؤول عن هذه المعاملة باعتني لعندك المختار فلان " ، وفي حال حصول هذه الأمور على المراقب المكلّف في هذا الجهاز ان يَطرُد كل المُرتشين في هذه العملية ، من المختار الى الموظّف المسؤول ، ويغرِّم المواطن الذي لم يبلّغ الشرطة الأخلاقية بحدوث هذه العمليات الشائبة ، وينطبق الأمر على الذين يصدرون تراخيص عمار غير شرعية ويفظّعون بالجبال والوديان ، فهؤلاء يجب ان يُزَّجوا في السجون لمدة طويلة وان تصادَر نصف املاكهم وتوزَّع على الذين يسكُنون في العراء والنصف الثاني يوزَّع على الأيتام والأطفال المرضى التي ترفض المستشفيات استقبالهم لأن ليس لديهم كفالة
وفي نفس هذه الدوائر اي السير والميكانيك وخصوصاً الإتصالات يجب منع إصدار الأرقام الخاصة وأرقام السيارات الأربع أحرف ، وحتى ولو كانت هذه الإصدارات تدرّ ارباحا على خزينة الدولة " والله ما شفنا ليرة ولا يوم في هذه الخزينة" وكل هذه الأموال كانت تصبّ في جيبة الوزير ، مقابل ان يتمتّع اللبناني الفشيّخ بإقتناء سيارة تتطابق أرقام لوحتها مع تاريخ ميلاده ورقم بطاقة اعتماده ورقم هاتفه الخلوي " والله بيلبقلنا الجخّ نحنا اللبنانية ، طبعاً بعد إزالة كُرش الوجاهة والله بتعرفوا خلوّا كُرشكون ... هيك بتَعرفْكون الشرطة الأخلاقية بدون بحث وتدقيق". في هذه الحالة يجب حجز مالك السيارة والذي باعه الرقم ( وما تستهينوا بالمبلغ فيمكن ان يبلغ ألوف الدولارات) ، و يجب ان يدفع مشتري الرقم ثلاثة أضعاف ثمنه ، اقساط مدارس لأولاد الفقراء ، ضمن سياسة محو الأمية ، وفي كل هذه المخالفات يمكن إعفاء كل المخالفين اذا بلّغوا الشرطة الأخلاقية عن الجرم قبل حصوله ، لأن كل المخالفات التي تعالجها الشرطة الأخلاقية ، هي بمثابة جرائم لا يستطيع مرتكبها الخروج منها بكفالة مادية ويجب ان يمضي مدة طويلة في السجن سوف تحدّد مدتها فور نشوء الجهاز ، وبالمقابل ايضاً سوف تحدَّد لاحقاً محاضر الضبط التي تتعلّق بالحالات غير الجرمية والتي يمكن ان تُحَلْ بالمبالغ المالية مثل محاضر السير والسرعة الزائدة وتسرّب المازوت من الباصات ، واوقات سير شاحنات النقل واوقات عمل التراكتورات ، ونذكّر ان الشرطة الأخلاقية ، قائمة لتسيير الأعمال وليس تعطيلها ولكن وفقاً للقوانين والأعراف الأخلاقية
اما السير هذه الآفة المزمنة ، التي يذهب ضحيّتها الألآف سنوياً ، فقبل معاقبة الذي "يطيّزها" على الكوع بعد منتصف الليل بسبب تعاطيه الكحول ، او بسبب انهاء علاقة مع صديقته او عشيقته وفي الحالة الثانية "يطيّزها" اكثر ، يجب إقامة شبكة طرقات محترمة ، مُزفّتة وواسعة ، وإصدار قانون شامل مفصّل عن مخالفات السير وتحديد السرعة ومراقبة المخارج والمفارق على مدار العام وليس في الأعياد والمناسبات الرسمية فقط ، وعند المخالفة فالمرجع المختصّ بإقامة المحضر هو ضابط الشرطة الأخلاقية وليس الدرّاج ، لأن الدرّاج دارِجَة ان يُرتَشى ويجب على الضبط ان يكون موجعاً على غرار الضبط في البلدان العربية المجاورة ، وفي حال المخالفات اللاحقة يتم استعادة رخصة السوق وحجز السيّارة
وفي العودة الى العنوان ، بين كميل شمعون هذا الرئيس الرؤيوي فمن ضمن ما قام به من ابتكارات للوصول الى مصاف الدول الحديثة وبما اننا نتكلّم عن قانون السير فهو بدأ في الخمسينيّات بتسيير السيارات وفق ارقامها المفردة او المزدوجة للحدّ من تلوّث الهواء ، الى موريس الجميل الذي اعَدّ مشاريع مدنية من جسور الى سدود ، بقيت في الجوارير ، من ابرزها مشروع الجسر الذي كان من المفترض إقامته بين بيت شباب وكسروان والذي رفض ابو شكري وامثاله بناء هذا الجسر، لأنهم لم يريدوا ان يشمل المسح أراضٍ واشجار ورثوها من اهلهم وابرزها شجرة ابو شكري الخالدة ....بين هؤلاء الإثنين تأتي الشرطة الأخلاقية لضَرب المفاهيم التقليدية وبلورة الأفكار النيرة ، وفَرض القوانين المرميّة في الجوارير واستحداث أخرى ... فمرحباً بالشرطة الأخلاقية قبل فوات الأوان