من أهل العِلم الى الزاردين الكرافات
هذا ما جناه الإعلام الغبيّ على أصحاب "الكرافاتات المزرودة" ، ولم يرِد الإعلام الحرّ ان يجنيه على أحد. هذا ما جناه أهل الجَهالة والجَعالة ( اي القَبض وجباية الأموال) على أهل العلم القابعين في منازلهم ، لأنهم لم يجدوا منبراً يعبّرون من خلاله عن رأيهم ، ويَعبُرون الى الضفة الأخرى ، ولم يرِد أهل العلم ان يجنوه على أحد ، فمَضوا في بناء سفينة العبور في انتظار ايام أفضل. وقبل الإستفاضة في فَضح أهل الجَهالة والجَعالة ، سوف أشرح لكم مفهوماً جديداً في الإعلام ، أبصر النور في لبنان ، وهو فنّ "القَفْشِة" ، وهو فنّ خلقه الإعلام والإعلاميون اللبنانيون بهدف إبقاء الإعلام مُحتَكَراً وتقليدياً ورجعيّاً ، على صورة ومثال كل شيء في البلد.
القَفشِة ، هو فنّ مُرهف ، يولَد مع الإعلامي اللبناني ولا يًمكنك إكتسابه ، وهو هذه الكلمة المُضافة في الحلقات الإذاعية والتلفزيونية ، وأحياناً في الصحافة المكتوبة ، و هذه الكلمة المضافة ، تَجعَل المُستمِع او المشاهد او القارىء "يفقَع" من الضحك ، ومن بعد ان يقوم الإعلامي بهذه "القَفشِة" ، يُصبح برنامجه ضارباً و"يكسِّر" الأرض. ولنُدرة وجود المعلّم الذي يعلّم فنّ القفشِة ولو قفشِة صغيرة ، لأنني كما قلت سابقاً فهي تولَد مع الإنسان ، قلتُ لنفسي سوف أضع إعلاناً عبر مدوَّنتكم ، لعلّ وعسى اجد معلماً يعلّمني هذا الفنّ لكي استطيع التعامل مع "القفّيشة" وأجد عملاً يغيّر مجرى حياتي.
إعلان هام:" نبحث عن معلّم "قَفشِة" إذاعية تلفزيونية او مكتوبة ، الرجاء لمن يملك خبرة في هذا المجال الإتصال على الرقم التالي: 666 666 . معاش مغرٍ زائد عمولة ، زائد شقّة مفروشة وقطعة أرض زائد بطاقة إنتساب الى جمعية "القفيشة" لمدى الحياة.
لننتقل الى تحديد من هو الذي يزرُد كرافاتو :" الذي "يزرد كرافاتو" هو ذلك الرجل المسؤول العابس الذي لن يقابلَك أبداً ، وإذا قابلك ليعطيك اسم رجل آخر بامكانه ان يخدمَك اكثر منه. قلت رجلا لأن المسؤول في المجتمع الذكوري اللبناني هو بالاجمال رجلاً ولكن بإمكانك ان تقع على فتاة مسؤولة ايضاً سوف أشرح لا حقاً وفي مقالات أخرى كيف تتصرَّف وما هي ميزات هذه الفتاة. "الزارد كرافاتو" يسألك عن الفضائح اولاُ ( أتحدّث هنا عن المجال الإعلامي) ويقول لك :" يا أخي ما في غير الفضائح الناس بتحبّ الفضائح ، كيفما كانت مالية ، سياسية ، إقتصادية وخصوصاً الفضائح الماورائية ... لأنّو ما حدا في يفسرّها ، وما حدا في يقاضيك عليها". الزارد كرافاتو يقول لك دائماً ، وطبعاُ هو مجهَّز بسيغار :" انت من عظام الرقبة ، من غير ان يسألك ، من أرسلك.
"الزارد كرافاتو" ، (وبما اننا نتكلّم عن العلم والإعلام) بإمكانه ان يكون مسؤولاُ في المعقَل الذي يخرِّج طلاباً في الإعلام ، اي كلّيات الإعلام والتوثيق في مختلف الجامعات اللبنانية ، وهنا لا يُطلَب منك ان تكون معلّم قَفشِة ، بل يُطلب منك ان يكون لديك 30 سنة خبرة "منيموم" في الإعلام ( ولا احد يملك هذه الخبرة أقلّه في لبنان الا عندما يكون على حافة قبره ) او ان يكون لديك دكتوراه اصليّة او مزوَّرة مثلما يفعل الجميع في دولتنا الضالة). واذا لا تملك هذه المؤهّلات ، فإن أردت التعليم في الجامعة لكي تَبُثّ الروح الجديدة ، وتُنقذ السفينة كي لا تغرَق بمن فيها ، فسوف يُدرَس طلبك من قبل لجنة علمية مؤلّفة من معلّمين "قفشة".
فإذن كما رأيتم ليس بإستطاعتكم الهرب من "القفشة " ومن "يللّي زاردين كرافاتاتون" ( وعلى فكرة ليس بامكانك ان تكون زارد كرافاتتك من غير ان تكون معلّم قِفشِة والعكس صحيح) ، لذلك سوف اعطيكم امثلة أكثر وضوحا وعملية عن فنّ القَفشِة كما حدَّدَه إعلاميونا الأفاضل.
القَفشِة التلفزيونية هي مقدّمات نشرات اخبارية مطوَّلة وممِّلة تدوم اكثر من 3 دقائق يتخلّلها شعر ولعب على الكلام ، "فَشَر" ان تضاهيها اكبر المعلّقات العربية طولاَ ، فأين ترون القفشة في هذه النشرات؟.
القَفشِة في برامج "التوك شو" وهي برامج "توك" من دون "شو" و"الشو" الوحيد في البرامج هو عندما يلتحم الضيوف بالسلاح الابيض ، ويتراشقون في الكراسي واكواب المياه اثناء الحلقة ، فاين المقدِّم وهو في الاساس وظّفوه لأنه معلّم قَفشِة ، لإدارة الحلقة ، وإسكات الضيوف؟.
واين القَفشِة في برامج الألعاب ( مع ندرتها) هذه البرامج السخيفة ، المنسوخة ، الذي يتحوّل فيها المقدِّم الى انسان َسَمِج ، نكاته سخيفة ، "يتحالى" ويتهاضم ويُصبح هو المشترك الوحيد في الألعاب بدلاً من المشاركين في برنامجه. فلماذا لا يستعمل هذه العصا السحرية ، اي القفشة لكي يجعل من برنامجه الأكثر مشاهدةً؟.
اما قمّة القفشة التلفزيونية هي عندما تقوم مقدّمة اللوتو اللبناني بتمزيق شبكة اللوتو على الهواء وتُعلن علناً انها لم تربح ، فأوّل "فَقْشِة" قامت بها ( عكس القَفشِة) صديقتنا الإعلامية ،هي تمزيق صورة الشركة التي تمثلها ، والقفشة الثانية هي الإعلان وهذا ليس محبَّب انها تشارك في سحوبات اللوتو . فأين القفشِة في كل هذا الهَرج والمَرج؟.
القفشِة الإذاعية لم تَعُد على الموضة ، لأنه اصلاً في لبنان الإذاعات تُقفل ابوابها ، في عصر الصورة وعلى العموم تنحصِر القفشة الاذاعية بتعبئة الهواء ، فأنت ان قمت بالقفشة او لم تقُم بها " ما حدا سامعك".
والصحافة المكتوبة يَغلُب عليها طابع المحلِّلين السياسيين ، وهم يجدر تسميتهم المُنحلّين السياسيين او المحلَّلين سياسياً ، او المخلَّلين السياسيين ، تماما مثل المخلَّل يوضع في مرطبان " هيك بيضاين أكثر" ويُستعمل عند الطلب للتعبير عن آراء معلّم القفشة "يللي زارد كرافاتو".
رسالة من الكومندانتي الى "الزحّيفة" و"يللّي زاردين كرافاتاتون" فيكون تحَلحِلوها وتتأهبوا ... ما حدا شايفكون.... ولكن عفواً فالجاهل لا يحلو له طعم العلم كما لا يحلو للمريض طعم الأدوية النافعة.